وفي مصر اتخذ البنك المركزي المصري عددا من الإجراءات لمواجهة تداعيات الأزمة بدأت بخفض تاريخي في أسعار الفائدة بمقدار
unicode-bidi: embed;”>1– التنوع والشمول: حيث تنوعت الإجراءات من حيث أهدافها وفئاتها المستهدفة وأدواتها: فبعضها كان يهدف للتصدي للأزمة وتخفيف وطأة تبعاتها على الاقتصاد بكافة قطاعاته، وبعضها يهدف لتحفيز قطاعات الاقتصاد المختلفة على النمو والتوسع، وأخرى تهدف لتسريع وتيرة الشمول المالي، وكان بعض هذه المبادرات موجها للأفراد وبعضها الآخر موجها للشركات والمؤسسات بكافة تصنيفاتها، كما أن هذه المبادرات شملت كافة قطاعات الاقتصاد كالصناعة والزراعة والسياحة والمقاولات، وأخيرا فقد شملت هذه المبادرات العملاء المنتظمين، وأيضا غير المنتظمين بهدف دمجهم مجددا بالنظام المصرفي.
2– المبادرة والاستباقية: كان البنك المركزي المصري مبادرا وسبّاقا باتخاذ حزمة من الإجراءات لمواجهة التداعيات “المحتملة” لأزمة انتشار فيروس كوفيد-19، حيث كان من أوائل البنوك المركزية في المنطقة التي بادرت باتخاذ حزمة الإجراءات الاحترازية، التي ساهمت بتوقيتها المبكر في الحدّ من المخاطر التي كان من الممكن أن تؤثر سلبيا على الاقتصاد المصري ومكتسباته.
3– التحفيز وخلق الفرص: لم تكتفِ مبادرات وإجراءات البنك المركزي المصري فقط بمواجهة التداعيات المحتملة للأزمة، بل عمدت إلى تحفيز وتنشيط قطاعات الاقتصاد المختلفة وخلق مناخ اقتصادي يتيح لقطاعات الأعمال الاستفادة والنمو، فبالنظر إلى القرارات الخاصة بتعديل القواعد المنظمة لنظام تسجيل الائتمان كإلغاء القائمة السوداء وإلغاء القوائم السلبية، وكذلك المبادرات الخاصة بالعملاء غير المنتظمين بقطاع السياحة؛ هذه الإجراءات وغيرها أتاحت لهذه القطاعات فرصا جديدة للعمل والاندماج في القطاع المصرفي، هذا فضلا عن مبادرات أخرى متخصصة بهدف تنشيط الإنتاجية في قطاعات محددة: كمبادرات التمويل العقاري، ومبادرة تمويل إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة، وأساطيل النقل السياحي، ومبادرات لتمويــل شركات القطـاع الخـاص الصنـاعي والمجـال الـزراعي بما يشمل محطـات تصديـر وتعبئـة السـلع الزراعيـة والثـروة السمكيـة والداجنـة والحيوانيـة.
4– المرونة والاستجابة للمتغيرات: تميزت المبادرات بدرجة عالية من المرونة والقدرة على التكيف مع الأوضاع المواكبة للأزمة، ومن ذلك ما أصدره من قرارات السماح بالمشاركة في اجتماعات مجالس إدارات البنوك عبر الفيديو، أو الهاتف خلال العام 2020 مع السمـاح للبنـوك بإصـدار قـوائم ماليـة ربـع سـنوية مختصـرة وفقـاً لمعيـار المحاسـبة المـصري رقم (30) المعـدل لعـام 2015، وأيضا إعفاء البنوك لمدة عام من احتساب متطلب زيادة في رأس المال الرقابي لمقابلة مخاطر التركز الائتماني لأكبر50 عميلا.
5– النظرة المستقبلية: لم تكتف مبادرات البنك المركزي بمعالجة الأوضاع الحالية، ولكنها حملت في طياتها أيضا بُعدا مستقبليا، فمن الواضح أن فرص النمو فيما بعد كوفيد-19 ستكون لقطاعات التجارة الإلكترونية والرقمنة Digitalization والاعتماد على نظم المعلومات والتكنولوجيا المالية، والاعتماد على نظم الدفع الإلكترونية، وقد كان لهذه النظرة المستقبلية حضور مميز فيما اتخذه البنك المركزي من إجراءات: كإجراءات الحد من التعاملات النقدية، وتيسير استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، وتشجيع إجراء المعاملات المصرفية من خلال القنوات الإلكترونية كالإنترنت البنكي، ومحافظ الهاتف المحمول، ومؤخرا أصدر البنك المركزي مبادرة كبرى لتشجيع السداد الالكتروني عن طريق زيادة أعداد نقاط البيع، والاعتماد بصورة أكبر على رمز الاستجابة السريع، والتوزيع الجغرافي لنقاط القبول الإلكتروني، حيث سيقوم البنك المركزي بتمويل نشر مائة ألف نقطة بيع الكترونية جديدة يتم توزيعها جغرافيا في كافة المحافظات، وتفعيلها بداية من تاريخ المبادرة وحتى نهاية ديسمبر 2020.
وأخيرا، يقول الكاتب اللاتيني بوبيلوس سيروس “الجريء ينتصر على الخطر قبل أن يراه”، وقد كانت إجراءات البنك المركزي جريئة وحاسمة بما سيجعلها قادرة على مواجهة تداعيات الأزمة، وتخطي تبعاتها، بل خلق مناخ مواتٍ للنمو والانطلاق عقب انتهاء الأزمة.
بقلم:
منتصر علم الدين
مدير إدارة المعلومات الإئتمانية – بنك عودة