بقلم أحمد الدمرداش
رئيس مجموعة الأجور والمزايا بالبنك الأهلي المصري
أصبح الذكاء الاصطناعي حاضرًا اليوم في كل مجال تقريبًا، وتشير الدراسات إلى أن نحو 40% من الموظفين يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملهم، وهي نسبة تضاعفت خلال عامين فقط. وفي قطاعات مثل التكنولوجيا والخدمات المالية، تبدو النسبة أعلى بكثير.
لكن السؤال الجوهري هو: هل النجاح الذي نراه اليوم نابع حقًا من التميز الفردي؟ أم أصبح نجاحًا مشتركًا بين الإنسان والخوارزميات؟
تتحول المعضلة الفلسفية إلى محاولة الإجابة عن سؤال بسيط في ظاهره معقد في جوهره: ماذا يعني “الأداء الجيد” في هذا الزمن؟
قديماً، كان الأداء يقاس بالمجهود الشخصي والمهارة والإبداع. لكل موظف بصمته وإيقاعه وطريقته. أما اليوم، ومع دخول الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة، أصبح السؤال مختلفًا:
هل لا يزال أداؤنا يعكس قدراتنا نحن؟ أم يعكس براعتنا في استخدام أدوات رقمية ذكية؟
تخيل موظفين اثنين:
أحدهما يعتمد على خبرة طويلة، والآخر يتقن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. وإذا كان كلاهما يقدم نتائج بالجودة نفسها، فهل المقارنة عادلة؟ أم أننا أمام نوع جديد من الأداء المعزز، وربما المصطنع؟
حقائق بالأرقام:
ماكينزي: 94% من الموظفين و99% من القادة يعرفون الذكاء الاصطناعي التوليدي، و13% يستخدمونه في أكثر من 30% من مهامهم.
KPMG : 58% يعلنون أنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي، لكن 57% يخفون ذلك عن مديريهم، و66% لا يثقون تمامًا بصحة النتائج.
PWC: 62% يؤكدون أن الذكاء الاصطناعي غير طريقة عملهم فعلاً، و45% يرون أنه سيزيد الإنتاجية خلال خمس سنوات.
دور إدارة الموارد البشرية
القضية لم تعد تقنية فحسب، بل إنسانية في المقام الأول.
كيف نحافظ على عدالة التقييمات؟
كيف نفرق بين تطوير حقيقي وتطوير مصدره أدوات ذكية؟
الخطر لا يكمن في أن يجعلنا الذكاء الاصطناعي أقل تفكيرًا، بل في أن يجعلنا نتوقف عن سؤال أنفسنا:
ما الذي نستطيع فعله كبشر فعلا؟ وهل نحن فعلا “أبطال الأداء”؟ أم يكفي انقطاع الإنترنت لنفقد القدرة على الإنجاز؟
نصائح وخطوات عملية
1. تضمين استخدام الذكاء الاصطناعي في التقييمات
لا تتجاهلوه، ولا تسمحوا له بإخفاء المهارات الحقيقية.
2. إعادة تعريف معيار الكفاءة
فرقوا بين الأداء البشري الخالص والأداء المدعوم بالأدوات.
3. إتاحة فرص متساوية للجميع
قدموا تدريبًا يساعد كل الموظفين على فهم واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
4. وضع قواعد واضحة
حددوا حدود الاستخدام المقبول، وما يمكن اعتباره إنجازًا ينسب للموظف فعلًا.
تذكر ان المستقبل لا يأتي بأدوات جديدة فقط، بل يأتي معه إعادة تعريف للتفوق والمنافسة والقيمة الحقيقية التي يضيفها الإنسان لعمله.