أكد الدكتور عصام عمر، وكيل محافظ البنك المركزي المصري المساعد، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، خلال افتتاح الملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية، أن إدارة المخاطر أصبحت أكثر تعقيداً في ظل بيئة عالمية مليئة بالتحديات، مشدداً على أهمية تعزيز المرونة المالية والتشغيلية للبنوك للحفاظ على استقرار القطاع المصرفي.
وفي مستهل كلمته، نقل عمر تحيات المحافظ وتمنياته بنجاح الملتقى، مثمناً جهود اتحاد المصارف العربية في تنظيم الحدث، وما يوفره من فرصة لتبادل المعرفة والخبرات.
واستعرضت الكلمة التحديات المتزايدة التي تواجه المصارف، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي لم يعد يواجه فقط المخاطر التقليدية، بل ظهر على الساحة مخاطر جديدة، منها المخاطر الصحية كما شهدنا خلال جائحة كورونا، والمخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الصراعات والحروب وعدم الاستقرار، والتي تؤثر سلباً على التدفقات المالية وسلاسل الإمداد والأسواق المالية، مشيراً لى تأثير مخاطر تغير المناخ، والمخاطر التكنولوجية المرتبطة بالتحول الرقمي وظهور العملات المشفرة، ما يزيد من تعقيد بيئة العمل المصرفي ويفرض تحديات غير مسبوقة أمام إدارات المخاطر.
وفي هذا السياق، أوضح أن المرونة المالية تتمثل في توافر الملاءة المالية والسيولة للبنوك لضمان تقديم التمويل اللازم للقطاعات الإقتصادية المختلفة والأفراد وتلبية عمليات السحب من قبل المودعين والمحافظة على معدلات النمو في الأصول والربحية وتدعيم القواعد الرأسمالية بصورة مستمرة، وتظهر مؤشرات السلامة المالية المرونة المالية التي يتمتع بها القطاع المصرفي المصري، حيث بلغ معدل كفاية رأس المال 18.3% في نهاية مارس 2025 مقابل 12.5% نسبة رقابية مقررة من البنك المركزي ونسبة 10.5% طبقاً لمتطلبات لجنة بازل للرقابة المصرفية، وبلغت نسبة تغطية السيولة بالعملة المحلية للقطاع 853%، وبالعملة الأجنبية نحو 188%، كذلك بلغت نسبة صافي التمويل المستقر على المستوى الإجمالي للعملات المحلية والأجنبية نحو 180% في نهاية مارس 2025 مقابل نسبة 100% نسبة رقابية مقررة، كما بلغت نسبة الديون غير المنتظمة إلي إجمالي القروض للقطاع نسبة 2.2% في نهاية مارس 2025 وهى نسبة متدنية جداً وتشير إلي جودة محافظ الائتمان بالبنوك.
وأضاف أن المرونة التشغيلية تتجسد في قدرة البنوك على ضمان استمرارية الأعمال والجاهزية للتعامل مع حالات التوقف والاضطراب في إجراءات سير الأعمال، وما يتضمنه ذلك من توافر خطط الطوارئ لاستمرارية الأعمال، ولجان إدارة الأزمات، وإدارة الأحداث المتعلقة بمخاطر التشغيل بكفاءة، ولقد قام البنك المركزي خلال الفترة الماضية بإصدار العديد من التعليمات الرقابية التي تخدم هدف إدارة المخاطر وتوافر المرونة التشغيلية في البنوك ومساعدة البنوك في التخفيف منها.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تتمثل على سبيل المثال لا الحصر في: إصدار التعليمات الخاصة بإدارة مخاطر التشغيل واحتساب متطلبات رأس المال المقابلة لمخاطر التشغيل طبقاً للإسلوب المعياري، وأكدت التعليمات على ضرورة احتفاظ البنوك بخطط استمرارية الأعمال وأن تقوم باختبارها وتحديثها بصورة مستمرة، كما أصدر البنك المركزي التعليمات الخاصة بخطط التعافي لتهيئة البنوك للجاهزية للتعامل مع الأحداث الجسيمة من خلال إعداد خطة يمكن تنفيذها حال حدوث خسارة كبيرة قد تمنع البنك من الإستمرارية في أداء دوره في القطاع.
وأكد أن البنك المركزي المصري قام من خلال صياغة الإصدار الأول من “الإطار التنظيمي للأمن السيبراني للقطاع المصرفي والمالي”، بوضع مقياس مرجعي شامل يمكن الرجوع إليه للتحقق من مستوى جاهزية أساليب وتكنولوجيات الأمن السيبراني لكل المؤسسات الخاضعة لإشراف البنك المركزي المصري، مما ساهم في تعزيز الأمن السيبراني بالقطاع المالي بوجه عام. هذا بالإضافة إلى إجراء التحديثات اللازمة للنظام الموحد المخصص لمراجعة طلبات البنوك والمؤسسات المالية بما يتوافق مع آخر مستجدات صناعة الأمن السيبراني وذلك في إطار إجراءات حوكمة التطبيقات الإلكترونية، كما قام بتطبيق اختبارات الضغوط الكلية والجزئية بصورة دورية بهدف تقييم التأثير المحتمل للمخاطر المختلفة على الملاءة المالية والسيولة لدى البنوك واتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية للحد من تأثيرها على استقرار النظام المالي.
وأوضح أن من أجل التعامل مع ما يمكن أن يواجه البنوك من أزمات فقد أصدر البنك المركزي التعليمات الخاصة بالسيولة الطارئة وقام داخلياً بتطوير نظم المراجعة الرقابية، والاحتفاظ بنظم الإنذار المبكر والتدخل المبكر وإجراءات تسوية أوضاع البنوك المتعثرة، كذلك تمشياً مع التطورات في مجال التحول الرقمي فقد أصدر البنك المركزي قواعد ترخيص البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها لتعزيز نشر الخدمات المصرفية الرقمية وضمان حمايتها من المخاطر.
وفي ختام كلمته، شدد الدكتور عصام عمر على أهمية تعزيز ثقافة المخاطر، واعتماد رؤية متكاملة لإدارتها، والاستفادة من التقنيات الحديثة لبناء مؤسسات مصرفية قادرة ليس فقط على الصمود أمام الأزمات، بل على النمو وتحقيق الربحية، مؤكداً التزام البنك المركزي بمواصلة دوره في دعم استقرار القطاع المصرفي المصري.