مما لا شك فيه أن البنوك المركزية لها دور كبير في
تحسين الاقتصاد في أي دولة، حيث تتولّى رسم السياسات النقدية للدولة وكذلك تنفيذها
من خلال استخدام منظومة متكاملة من أدوات السياسة النقدية، وسياسة سعر الصرف، حيث
يقوم بتحديد سعر الفائدة للحفاظ على سعر الصرف والتضخم، والتحكم في المعروض النقدي
للدولة .
فالبنك المركزي هو عنصر حاسم في الدولة، حيث يقوم
بالرقابة على البنوك والإشراف عليها بما يكفل سلامة مراكزها المالية، وحماية حقوق
المودعين، والمساهمين، وفق أحكام التشريعات النافذة وقواعد الحوكمة المؤسسية .
نظرا لذلك، هل يمكن أن نتصور وجود دولة في هذا
العالم دون بنك مركزي؟
في الحقيقة، هناك قائمة من الدول التي ليس لديها
بنوك مركزية، تشمل :بنما، كيريباتي، ميكرونيزيا، جزيرة آيل أوف مان،
أندورا، جزر مارشال، موناكو، بالاو، توفالو، ناورو .
حيث يعمل النظام النقدي في تلك الدول بشكل لا مركزي،
ودون إشراف سلطة نقدية مركزية، حيث تُدار السيولة النقدية بحسب معدلات العائد
محليا وعالميا، فعندما تكون معدلات العائد في الأسواق المحلية أعلى من الأسواق الدولية
يتم سحب الأموال تلقائيا من الأسواق الدولية، وتوجيهها للاستثمار في الأسواق المحلية،
والعكس صحيح تماما، فلا توجد قيود على حركة الأموال وتدفقها.
وسنقوم فيما يلي بتناول بعض هذه الدول :
بنما
تعد بالبوا Balboa هي عملة بنما الرسمية، بجانب الدولار الأمريكي، حيث حقق النظام
النقدي المبني على الدولار في بنما عدة مزايا لاقتصادها؛ هي:
انعدام المخاطر الخاصة بأسعار الصرف، وكذلك عدم
حدوث أزمات في العملات الأجنبية والحدّ من الأزمات المصرفية، ثبات سعر صرف الدولار
أمام عملتها المحلية البالبوا balboa وتعادل دولار أمريكي واحد تقريبا، عدم الحاجة
لوجود رقابة على الصرف الأجنبي، الدمج الكامل للنظام المصرفي البنمي في النظام
المصرفي العالمي .
ولكن من مساوئ النظام النقدي والمصرفي اللامركزي
في بنما ارتفاع معدلات التضخم بشكل عام بمعدل أعلى من المعدلات العالمية
جمهورية كيريباتى
تستخدم كيريباتى الدولار الأسترالي كعملة محلية،
كما أن لديها نظاما ماليا صغيرا يرتبط ارتباطا وثيقا بالقطاع المالي في أستراليا،
حيث لا يوجد لديها سوى بنك تجاري واحد “بنك كيريباتي”، وهو شراكة مشتركة
بين حكومة كيريباتي ومجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية (ANZ) حيث تملك كيريباتى حوالي 25٪ من حصة البنك، بينما تملك مجموعة
أستراليا ونيوزيلندا المصرفية حوالي 75٪ منذ شرائها في 2001.
ويوجد أيضًا بنك التنمية الصغير في كيريباتي، الذي
يقرض عمومًا الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى هذه المؤسسات الرسمية، توجد شبكة من
“البنوك القروية” التي تعمل كقطاع مصرفي غير رسمي، وتوفر بعض التمويل
الأصغر،كما يوجد صندوق الادخار في كيريباتي، الذي يدرج في السندات والأسهم
الخارجية؛ من أجل تمويل نظام التقاعد الحكومي .
ميكرونيزيا
تستخدم ميكرونيزيا الدولار الأمريكي كعملة لها، كما
أنه يتم تنظيم العمليات المصرفية التجارية من قبل FSM Banking Board. حيث يوجد بنكان تجاريان أجنبيان: بنك Hawaii وبنك Guam ويوجد أيضًا بنك محلي في FSM .
بدأ بنك FSM Development Bank عملياته في عام 1982، وهو يقدم قروضا للمشاريع
التي تفي بالمعايير بناء على أولويات التطوير الحكومية، والمصرح لها بتقديم ضمانات
القروض للمؤسسات المالية الأخرى في FSM. ومع ذلك، يمكن فقط تقديم قروض تصل إلى 200000
دولار بسبب قيود رأس المال .
في عام 1996، نظرت الحكومات الوطنية وحكومات
الولايات في تدابير تهدف إلى تقليص تمويل الولايات المتحدة بموجب اتفاق الارتباط
الحر (المدفوعات المقرر أن تنتهي في عام 2001)، كما تسعى الحكومة أيضًا إلى تحسين
البنية التحتية الأساسية من خلال استثمارات القطاع الخاص؛ الذي بدوره يعمل على
تشجيع نمو القطاع الخاص.
في عام 1999، تم إنشاء صندوق“> FSM الاستئماني لتعزيز الاستقلال المالي .
جزيرة آيل أوف مان
على مدار العقود الأخيرة، تطور القطاع المصرفي في
جزيرة آيل أوف مان من مزود محلي للمنتجات المصرفية للأفراد إلى مركز مصرفي ومالي
دولي راسخ يغطي مجالات الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية التجارية.
كما تتمتع جزيرة مان بالاستقرار السياسي، والضرائب
المنخفضة، وقوة الضوابط المالية والتشريعية والتنظيمية .
في عام 2011، كان أكثر من 20٪ من القوى العاملة في
الجزيرة يعملون في القطاع المالي وتجدر الإشارة إلى أن اقتصاد جزيرة آيل أوف مان
يتنوع إلى حد بين قطاعاتها الرئيسية: القطاع المالي والتكنولوجيا والطاقة النظيفة
والتجارة الإلكترونية والألعاب الإلكترونية والتجارة البحرية وتجارة التجزئة
والسياحة.
لقد انخفض عدد البنوك العاملة في جزيرة آيل أوف
مان باستمرار في السنوات الأخيرة، ولجذب عمليات مصرفية جديدة إلى جزيرة آيل أوف
مان أدخلت الحكومة “نظام البنوك البديلة” الذي يفصل تراخيص أخذ الودائع
إلى 3 أنواع:
يسمح ترخيص الفئة 1 (1) بقبول أي ودائع للبيع
بالتجزئة.
يسمح ترخيص الفئة 1 (2) بقبول إيداع غير التجزئة،
وبالتالي توفير الخدمات لفئة محدودة للغاية من الأفراد والشركات.
تم تعيين ترخيص الفئة 1 (3) للمكاتب التمثيلية
للبنوك الأجنبية، غير القادرة على تلقي الودائع في جزيرة مان.
ومع ذلك، فإن البنوك العاملة بموجب الفئة 1 (2)
والفئة 1 (3) ليست ملزمة بالمشاركة في خطة ضمان الودائع في جزيرة مان.
من بين 12 مصرفا تعمل في جزيرة مان، يوجد بنك واحد
فقط (Conister
Bank Limited) برأسمال محلي، وبقية البنوك خاضعة لسيطرة أجنبية، حيث إن العدد السائد
للبنوك من المملكة المتحدة .
كما حصلت جزيرة مان على العديد من الجوائز لتميزها
المستمر في القطاع المصرفي، حيث حصدت لقب “أفضل مركز مالي دولي للعام”
في حفل توزيع المنتجات والخدمات الدولية، وكذلك “أفضل مركز مالي دولي”
في جوائز الاستثمار الدولية.
ويتم تكريم جزيرة مان لتكون معترفا بها من قِبل هذه المنظمات الموقرة، وتعمل باستمرار للحفاظ على الألقاب.