قالت سامية أبو شريف، رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ( (MENAFATFورئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب – المملكة الأردنية الهاشمية، إن انعقاد الملتقى السنوي لمدراء الالتزام في المصارف العربية يأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث يشهد العالم تطورات متسارعة في البيئة التنظيمية، وتناميًا في التحديات المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والجرائم المالية المستحدثة، وهو ما يفرض علينا جميعًا، كمؤسسات رقابية ومصرفية، أن نعيد النظر في أدواتنا، ونُعزز من قدراتنا، ونُطوّر من آليات التعاون الإقليمي والدولي.
وتابعت سامية أبو شريف خلال كلمتها بالملتقى السنوي لمدراء الإمتثال في المصارف العربية، أن أجندة هذا الملتقى تتناول محاور استراتيجية تمس جوهر العمل المصرفي الحديث، وهذه المحاور تتقاطع بشكل مباشر مع أولويات الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المينافاتف) المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للعامين 2025–2026، والتي تتولاها المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتركز على تعزيز الفهم للمخاطر، ومواكبة التقنيات الناشئة، وتطوير أدوات التقييم والرقابة.
وأشارت إلى إن التحديات التي تواجه المصارف العربية في مجال الامتثال، لا تقتصر على الجوانب القانونية أو التقنية، بل تمتد إلى ضرورة بناء ثقافة مؤسسية قائمة على الحوكمة، والشفافية، والتكامل بين الإدارات، وتبني نهج قائم على المخاطر، بعيدًا عن السياسات التي تؤدي إلى استبعاد العملاء أو تقويض الشمول المالي.
وأضافت، هنا يبرز دور التكنولوجيا كعامل تمكين، لا كعبء تنظيمي. فالذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، ومنصات الهوية الرقمية، يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في إدارة الامتثال، وتقديم حلول مبتكرة، تقلل من التكاليف التشغيلية، وتُعزز من كفاءة الرقابة. ونحن في مجموعة المينافاتف نتابع عن كثب هذه التطورات، ونعمل على إدماجها في أدوات التقييم، وتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء، بما يضمن جاهزية الأنظمة لمواجهة الجرائم المالية المستحدثة، بما فيها تلك المرتبطة بالأصول الافتراضية والعملات المشفرة.
وفي هذا السياق، أوضحت أنه لا بد من الإشارة إلى أن التحول الرقمي في الامتثال لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية. فالتجارب الرائدة في المنطقة، ومنها تجربة البنك المركزي المصري في تطوير منصة الهوية الرقمية، “هويتي” التي ستعرض في ملتقانا هذا هي تجربة تمثل نموذجًا يُحتذى به في كيفية تحويل الامتثال من عبء تنظيمي إلى قيمة مضافة.
وقالت إن دمج أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تحليل البيانات الضخمة، وتطبيق إجراءات التعرف الإلكتروني على العملاء (E-KYC)، يفتح آفاقًا جديدة أمام المصارف لتعزيز كفاءة الامتثال، وتقليل المخاطر، وتحسين تجربة العميل، دون المساس بمتطلبات المكافحة والرقابة.
كما أن التعاون الإقليمي والدولي يُعدّ حجر الزاوية في مواجهة التحديات العابرة للحدود. فمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا يمكن مواجهتها إلا من خلال تنسيق فعّال بين الجهات الرقابية، القضائية، وجهات إنفاذ القانون، إلى جانب القطاع المصرفي. ومن هذا المنطلق، نعمل بجد على تعزيز قنوات التواصل، وتبادل الخبرات، وتنظيم ورش العمل المشتركة، وتطوير آليات الإبلاغ والتقييم، بما يضمن استجابة جماعية متماسكة وفعالة.
كما أن المجموعة تولي أهمية خاصة لتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها مجموعة العمل المالي (FATF)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، وذلك من خلال مبادرات مشتركة لبناء القدرات وقد أثمرت هذه الشراكات عن نتائج ملموسة في دعم الدول الأعضاء، لا سيما في مجالات إعداد تقارير العمليات المشبوهة، وتطبيق العقوبات المالية المستهدفة، وتعزيز الشفافية في المدفوعات العابرة للحدود. ونحن نؤمن بأن هذا التعاون المتعدد الأطراف هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات المعقدة والمتغيرة التي تفرضها الجرائم المالية الحديثة.
وقالت إن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) تؤمن بأنّ الحوار البنّاء، وتبادل الخبرات، والتنسيق العابر للحدود، هي ركائز أساسية لمواجهة التحديات المشتركة. ونحن نعمل، بالشراكة مع الدول الأعضاء، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، على تطوير أدوات التقييم، وتعزيز التعاون الفني، وبناء القدرات، بما يواكب الجولة الثالثة من التقييم المتبادل، وينسجم مع متطلبات الجولة الخامسة لمجموعة العمل المالي