قال محمد الأتربي، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية ورئيس اتحاد بنوك مصر، أن المصارف والمؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم تواجه متطلبات تنظيمية متزايدة ومعقدة، وتدقيقاً متزايداً على أطر الامتثال الخاصة بها، لاسيما بمسائل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
جاء ذلك في كلمته خلال فعاليات “الملتقى السنوي لمدراء الالتزام في المصارف العربية” الذي يعقده اتحاد المصارف العربية تحت عنوان: “تعزيز الامتثال لتشريعات وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وضمان حماية البيانات المصرفية” بشرم الشيخ.
وأضاف أن هذه البيئة التنظيمية المعقدة والحاجة الملحة لتطبيقها تفرض المزيد من الضغوط على المصارف، تتمثل هذه الضغوط في الموائمة بين ضرورة الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية وفي الوقت نفسه ترسيخ المتطلبات التي تحقق الشمول المالي، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وتسهيل التمويلات المالية، وتمويل التجارة والاستثمار، وفي هذا المجال فقد حققت بعض دولنا العربية تقدماً لافتاً في تعزيز نظامها المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال تنفيذ القوانين الدولية وخاصةً قاعدة اعرف عميلك، والتحقيق في الجرائم المالية، وإجراء أنشطة للتوعية بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات الحظر المالي ونقل الأموال.
وتابع الأتربي بالرغم من تلك الجهود المبذولة، لا يزال هناك عدد من التحديات القائمة على مستوى الدول وعلى مستوى القطاعات المصرفية الإقليمية العاملة بها تحتاج إلى تضافر الجهود للتغلب عليها، ومن أبرزها: تطوير التشريعات الوطنية فبالرغم من الجهود المبذولة على هذا الصعيد، إلا أننا لا زلنا في حاجة ماسة لزيادة العمل على تطوير هذه التشريعات بما يتوافق مع المعايير الدولية، إثراء قواعد البيانات والإحصائيات المتعلقة بعمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب حيث لا يزال هناك ضعف في استيفاء قاعدة بيانات وإحصائيات وطنية شاملة ومحدثة لحصر كافة القضايا المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب لدى بعض الدول.
وأشار إلى التطور التقني المتسارع وظهور أدوات مالية مثل العملات المشفرة الأمر الذي يتطلب من السلطات المعنية في الدولة اتخاذ الخطوات اللازمة لمواكبة سرعة هذه التطورات، بالإضافة إلى السيطرة على عمليات التهريب عبر الحدود البرية، خاصة لدى الدول التي تمتلك حدود برية طويلة، وتحسين امتثال الأعمال والمهن غير المالية المحددة للمتطلبات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتابع بأن هناك تحديات على مستوى البنوك تتمثل في الاستبعاد المالي لبعض فئات العملاء، من جراء التزام البنوك بالتطبيق التام للتوصيات والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الأرهاب، حيث قامت بإغلاق حسابات أو تقليص للخدمات، والامتناع عن التعامل مع فئة أو فئات من مستهلكي الخدمات المالية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الخدمات المقدمة من جانب أو التوقف عن تقديم بعضها في بعض البنوك، الأمر الذي أثر على قدرة بعض فئات العملاء الحاليين على الاستمرار في تعاملاتها مع القطاع المصرفي الرسمي والتحول للتعامل مع القطاع غير الرسمي.
وأوضح أيضاً أن هناك تحديات تتعلق بكفاءة نماذج أعرف عميلك (KYC) وأعرف عميل عميلك (KYCC) في تزويد البنك بالمعلومات الكافية والحقيقية عن العملاء، فضلاً عن التحديات التي تتعلق بتدريب وتأهيل موظفي البنوك للتعامل مع الأدوات والبرمجيات التي تساعد على التعرف بشكل مبدئي على العمليات المشبوهة، وضعف الوعي والتثقيف حول ماهية وسبل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأضاف الأتربي عدة توصيات وحلول منها، الاهتمام بعقد الدورات التدريبية وبناء القدرات سواء لإعداد المقيمين على مستوى الدول العربية من خلال تنظيم دورات تدريبية متخصصة ومتقدمة حول التحليل الاستراتيجي بالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الخبرة بالمجال، أو تنظيم دورات تدريبية مكثفة لجهات التحقيق التي تُعد من جهات إنفاذ القانون والسلطات القضائية والادعاء العام في مجال التحقيقات المالية الموازية.
وأشار إلى عقد مزيد من ورش العمل لإطلاع الدول العربية على آخر المستجدات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبشكل خاص تلك المرتبطة بالتطورات التقنية، مع دعوة الدول العربية للتوقيع على مذكرات تفاهم مشتركة فيما بينها ومع دول العالم في المجالات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما سيساهم في تعزيز التواصل وتبادل المعلومات وكذلك تعزيز التدريب وتبادل الخبرات بين الجهات الإشرافية والرقابية العربية.
وأكد على أهمية الاهتمام بالتوعية والتثقيف حول مفهوم الجرائم المالية والمخاطر المتعلقة بها بشكل عام، وبغسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل خاص، مع العمل على الاستفادة من فرص توظيف التقنيات المالية الحديثة لتعزيز إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاع المالي، وتشكيل لجنة مشتركة بين البنوك والمصارف المركزية بالدول العربية لتطوير نماذج أعرف عميلك (KYC) وأعرف عميل عميلك (KYCC) والتركيز بشكل أساسي على البيانات المتعلقة بمصادر الثروة والأموال، إلى جانب تطبيق مبدأ إجراء “اعرف عميلك” على أساس مبدأ درجة المخاطر “Risk Based Approach” .
وأشار إلى أهمية حث البنوك والمؤسسات المالية على اقتناء أنظمة وبرامج آلية حديثة تساعد على التحديد المبدئي للعمليات المالية المشبوهة، إلى جانب الاهتمام بموضوع التدريب وبناء القدرات لموظفي البنوك والمؤسسات المالية وتأهيلهم للتعامل مع هذه الأنظمة والبرامج.