مقالات الرأيتعرف فلان؟ آه.. طب عاشرته؟ لا! بواسطة د. محمد رشدي 22 سبتمبر، 2020 كتب د. محمد رشدي 22 سبتمبر، 2020 0 التعليقات النشر 0FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail1.9K.(تعرف فلان؟قال: اعرفهقال: عاشرتهقال: لاقال: يبقى ما تعرفوش)..دائمًا ما اعتادنا أن نسمع في ثقافتنا الدارِجة هذا المَثل الشهير، فهكذا قالوا، وهكذا صدقوا، وهكذا انطبق المثل من أول الزمان إلى أن يشاء الله تعالى، وهكذا رأينا في هذه الدنيا أن أغلب البشر له أوجهٌ؛ فهذا الذي تراه صافي الابتسامة، ودودَ النظرة، ودبلوماسيَّ الكلام؛ تأخذك أناقتُه في المعاملة.. ولكن ما أن تعاشره، وتتبادل معه الحوار، والزيارات، والتجمعات، وربما تصاهره؛ يظهر على حقيقته، وهناك أُناس صادقون تعرفهم بسيماهم على وجوههم.ففي الفترة الأخيرة ومع المواقف المختلفة مع العديد من الأشخاص؛ فقد ادّعيتُ أني أعرفهم جيدًا، وأدرك تفاصيل حياتهم وأفكارهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل من معرفتي الجيدة بهم جعلتني أتكّهن باحتياجاتهم ورغباتهم، ولكن مع المواقف القوية التي تأتي مع العِشرة، اكتشفت معادن هؤلاء الأشخاص، وظهرت حقيقتهم، فالعشرة والمواقف تبين لنا حقائق كثيرة عن الأشخاص، وبسبب تلك المعاشرة قد يكون الأشخاص الذين كانوا في يوم من الأيام هم الأقرب إلينا أصبحوا اليوم هم أبعدهم عنا لا نعلم عنهم شيئا، والعكس صحيح، فالأبعد أصبح الأقرب إلينا، وتلك هي الحياة، وهذا ما استوقفني وجعلني أسأل نفسي: هل كنتَ تعرفهم جيداً؟ وقد لاح في ذهني ذلك المثل الشهير “تعرف فلان؟…اَه … طب عاشرته؟ لا.. يبقى متعرفوش”.ومن هنا، جال بخاطري فكرة المعاشرة التي تعتبر هي الركيزة الأساسية التي تجعلنا نجزم أننا نعرف الأشخاص أم لا، والعشرة التي تظهر من خلال العديد من المواقف التي تبين لنا معادن الأشخاص وحقائقهم، وكل واحد منا لديه أوجه مختلفة في الحياة ووشوش كثيره؛ يتعامل مع أهله بشكل وزملائه بشكل وأصحابه بشكل مختلف؛ فالعِشرة هي التي تُظهر كل الوشوش، وعلى رأي صلاح جاهين “لو كنت عارف مين أنا كنت أقول وعجبي”.لذا، يجب علينا ألا نحكم على الأشخاص من أول وَهلة، ولكن نبقي لأنفسنا فرصة حتى نعاشرهم ونتعرف عليهم في الكثير من المواقف.وقد اختلفت العشرة في زماننا هذا عن آبائنا وأجدادنا فأصبح ما يعرف بالعشرة الافتراضية أو الرقمية فتجد أن هاتفك يعرف عنك الكثير ما لا يعرفه أقرب الناس إليك، وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بك تعرف عنك الكثير؛ ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل يقدمون لك حلولا متنوعة وأشياء تتناسب مع رغباتك واحتياجاتك، ففي ظل هذا العالم الرقمي اختلف مفهوم العِشرة.عصر رأسمالية المراقبة The Age of Surveillance Capitalism إن التغلغل الرقمي في حياتنا اليومية قد أدى إلى هيمنة شركات التكنولوجيا؛ ولم يتوقف ذلك عند ما جنته تلك الشركات من أرباح؛ بل تعدى ذلك أنهم أعادوا استخدام تلك البيانات الخاصتعدى ذلك أنهم أعادوا استخدام تلك البيانات الخاصة بالمستخدمين؛ لتعظيم ثرواتهم من خلال التأثير على توجهات وسلوكيات المستخدمين، وهذا ما يسمى بالقوة الناعمة.وقد تسنّى لي في الاَونة الأخيرة قراءة كتاب “عصر رأسمالية المراقبة: الكفاح من أجل مستقبل الإنسانية على الحدود الجديدة للسلطة” للكاتبة “شوشانا زوبوف” (Shoshana Zuboff)، وهي أستاذ فخري في كلية هارفارد للأعمال “The Age of Surveillance Capitalism: The Fight for a Human Future at the New Frontier of Power” for (Shoshana Zuboff)وقد تناولت ما يعرف باسم رأسمالية المراقبة Surveillance Capitalism وهو مصطلح حديث يُستخدم لوصف عملية شاملة من المراقبة والتحكم في السلوك البشري بهدف الربح من سلعنة الواقع من خلال التحليل للكثير من البيانات التي تصف حياة وسلوك مئات الملايين من الناس، ما يسمح بتحديد الأنماط السلوكية، والاستدلال على المعلومات المتعلقة بالأفراد، والتنبؤ بسلوكهم المستقبلي؛ مما زاد من قدرة تلك الشركات على تشكيل سلوكيات وتوجهات الأفراد، وقد قامت الكاتبة باستعراض اَليات التحول من التأثير في العالم الافتراضي إلى التأثير في العالم الواقعي؛ وذلك من خلال استعراض الثلاث نقاط الاَتية:1. الآليات التشغيلية (Actuation): حيث تقوم تلك الشركات ببناء قواعد بيانات عن المستخدمين من خلال البيانات التي تصف أنماط حياتهم وسلوكياتهم ثم تتنبأ بسلوكهم، ولم يكتفِ الأمر عند ذلك الحد؛ بل تعمل على تعديل وتوجيه ذلك السلوك بالتأثير عليه، على سبيل المثال وليس الحصر مسلوك بالتأثير عليه، على سبيل المثال وليس الحصر من خلال إدراج عبارات معينة في موجز الأخبار (Newsfeed) في الفيس بوك، أو التحكم في توقيت ظهور زر الشراء لمنتجات معينة. 2. التضليل المعلوماتي (Disinformation) والمنشورات الداكنة (Dark Posts): أما بالنسبة لتلك الاَلية تستخدم كوسيلة للتضليل المعلوماتي للمستخدمين، وتوجيههم لتحقيق نتائج معينة، ويعد استخدام “المنشورات الداكنة” التي تسمح للمعلنين باستهداف مستخدمي فيسبوك بشكل دقيق دون ربط الإعلانات بالمعلنين أنفسهم، كما أنها تُعد غير مرئية للجمهور ككل، حيث تظهر للمستخدمين كجزء من مواجيز الأخبار الخاصة بهم إلى جانب المحتوى العادي، وفي حال إعجابهم بها أو التعليق عليها أو مشاركتها تظهر لأصدقائهم، وتكمن خطورة هذا النمط في أنه غير مرئي للجميع ولكنه مؤثر.3. التوجيه والتحكم من خلال استغلال مجموعة من “الأدواتية” (Instrumentarian) أحدثت الكاتبة محاولة للربط بين ما تقوم به الشركات التكنولوجية، وما طرحه عالم النفس ب. ف. سكينر (B. F. Skinner) الذي يؤمن بعدم وجود إنسان حر تمامًا في ظل عالم يعمل من خلال منظومة تخضع للتحكم الكامل، حيث تستخدم تلك الشركات أساليب المراقبة والتحفيز اليومي من خلال الإعلانات والمنشورات التي تستهدف الأفراد بشكل فردي أو جماعي لتوجيههم في الاتجاهات التي يفضلها أولئك الذين يسيطرون عليها، والذي يستهدف الأفراد من خلال مراقبة وتتبع سلوكيات الأفراد وأصدقائهم والجوانب الأخرى من حياتهم، ثم يعيد استخدام تلك النتائج لتحديد وصول كل فرد إلى الخدمات والامتيازات التي يحتاجها. ونستنبط مما سبق أن مع هذا التطور السريع المتلاحق في عالم التكنولوجيا والرقمنة والتزايد المستمر في احتياجات العملاء فلم يعد هناك اختيار للمؤسسات سواء خدمية، تجارية أو مالية إلا مواكبة احتياجات عملائها وتقديم خدمات تتناسب مع انماط حياتهم، والتنبوء باحتياجاتهم، وذلك ما يعدّ من ثمار الثورة الصناعية الرابعة؛ ولذلك لجأت تلك المؤسسات للاستعانة بما يعرف بنظام إدارة علاقات العملاء والبيانات الضخمة، وسنتحدث عنهم بالتفصيل.أولا: نظام إدارة علاقات العملاء ودورة في تقديم حلول متميزةإدارة علاقات العملاء Customer Relationship Management، هي إحدى أدوات علم التسويق الحديث وأعمدته التي تقوم عليها الأنشطة الترويجية الخاصة بالشركة أو العلامة التجارية ككل، ويعد هذا النظام هو الطريقة الأكثر فعالية للحفاظ على علاقات العملاء وإنشائها وتحسينها؛ وتكتسب إدارة العلاقات أهميتها من كونها وسيلة المؤسسات الخدمية في محاصرة العميل وإبعاده عن أي رسائل تشتيتية منافسة، فبفضل هذه الأنظمة تستطيع المؤسسات الخدمية أن تضع العميل في بؤرة الاهتمام، بحيث تُحيطه بالرسائل التي يرغب حقًا في تلقيها، وتمنحه القيمة التي يبحث عنها.تكمن أهمية إدارة العلاقات في كونها وسيلة سهلة يمكن عن طريقها قياس صورة الشركة ومكانتها في ذهن العميل عن طريق آماله وتطلعاته إلى حقيقة يختبرها عند كل تعاون يتم بينه وبين المؤسسة.ثانيا: البيانات الضخمة The big data وتمثل البيانات الضخمة المادة الخام لانطلاق الثورة الصناعية الرابعة التي وصفها الخبراء بتسونامي التقدم التكنولوجي، الذي سيغير في الكثير من تفاصيل الحياة البشرية عند التحول لمجتمع رقمي يعتمد على البيانات الضخمة للقارات والدول والشركات والأفراد أيضًا، وهو ما أسهم في نمو الإيرادات المتولدة من سوق البيانات الكبيرة.تمتلك تقنية البيانات الضخمة إمكانية تحليل بيانات مواقع الإنترنت وأجهزة الإستشعار وبيانات شبكات التواصل الإجتماعي، حيث إن تحليل هذه البيانات يسمح بوجود ارتباطات بين مجموعة من البيانات المستقلة لكشف جوانب عديدة، ومنها على سبيل المثال التنبؤ للاتجاهات التجارية للشركات. لقد أصبح بإمكان الشركات والمؤسسات والهيئات اليوم على اختلاف أنواعها تحليل حركة العملاء من شراء وبيع ونحوه بدقة أكبر؛ ليتمكنوا من معرفة السلع الأكثر طلبًا، أو تلك الراكدة، ويقترحوا على عملائهم سلعا معينة وفقًا لعمليات الشراء التي تتم. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فأصبح يتفاجأ مُستخدم شبكات التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني في أحيان كثيرة، بظهور إعلانات تجارية لسلع قام مسبقاً بالبحث عنها في تطبيقات أخرى، بل أكثر من ذلك يتم استخدم بيانات تحديد الموقع على جهاز الهاتف لاقتراح الإعلانات. ومن هنا نجد أن ذلك يحدث نتيجة لتحليل البيانات الضمن هنا نجد أن ذلك يحدث نتيجة لتحليل البيانات الضخمة الناتجة من هذه المواقع، والاستفادة منها في التسويق، وذلك باستخدام كل جزء صغير من البيانات المتاحة عن المستخدمين؛ لمعرفة ميولهم وتفضيلاتهم بهدف عرض المنتجات بأفضل الطرق التي تجلب لشركات التسوق الإلكتروني أعظم ربح ممكن. أثر استخدام التقينات الحديثة على القطاع المصرفي وتأثيرها علي الاقتصاد القوميإن للدمج بين استخدام نظام إدارة علاقات العملاءCRM والبيانات الضخمة The big data في القطاع المصرفي مع مراعاة تقسيمات شرائح العملاء Customer Segmentation وفقاً لأنماط حياتهم Customer life Style سيكون له عظيم الاَثر على أحد أهم القطاعات الوطنية. ومع استمرار انتشار ثورة البيانات الضخمة يستعد القطاع المالي للاستفادة من القدر الكبير من البيانات المتوفرة لديهم، مثل عادات الإنفاق وطرق الادخار والاستعانة بالبرمجيات لتحليلها والحصول على القرارات المناسبة لتقديم حلول وخدمات ذكية لعملائهم تتناسب مع أنماط شرائح العملاء المختلفة. وعلى مدار الستة أعوام السابقة شغلتني دراسة العوامل التي يقوم على أساسها العميل باختيار البنك الذي يتعامل معه. فقد قمت بدراسة تلك الظاهرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وقد تناول جزءاً من رسالة الدكتوراه الخاصة بي بتقسيم شرائح العملاء وفقا لأنماط الحياة الخاصة بهم اعتمادا على التقنيات الحديثة كنظام إدارة علاقات العملاء والبيانات الضخمة في البنوك “Customer segmentation based on their lifestyle capitalising on CRM and big data in banks” وقد أثبتت الدراسة أن الاستعانة بالتقنيات الحديثة مثل نظام إدارة علاقات العملاء CRM والبيانات الضخمة The Big Data كان له أعظم الأثر بمعرفة احتياخمة The Big Data كان له أعظم الأثر بمعرفة احتياجات العملاء، وتقديم خدمات مالية شخصية مصممة وفقا لنمط حياة العميل. وعلى المستوى العملي، فقد حالفني التوفيق بالمشاركة في هذا المشروع الضحم في أحد البنوك الرائدة على المستوى الإقليمي. وقد أدى تبني هذا الفكر إلى تعظيم أرباح هذا البنك، وتحسين الخدمات المقدمة لعملائه مما ترتب عليه توسيع قاعدة العملاء، وزيادة انتمائهم.وبناء على ما سبق في أي أراهن أن المنافسة في الفترة القادمة لن تعتمد على أسعار العوائد التنافسية على الودائع أو الإقراض، وذلك للقطاع العائلي (الأفراد)؛ ولكن التحدي في الفترة القادمة سيكون أمام البنوك بتقديم حلول مصرفية مبتكرة تتناسب مع أنماط حياة العملاء المختلفة. وسيؤدي تبني ذلك الفكر إلى زيادة قاعدة عملاء البنوك وتحقيق الشمول المالي؛ بالإضافة إلى تخفيض تكلفة اقتناء الودائع (COF) للقطاع العائلي الذي يمثل أكثر من ثلثي ودائع القطاع المصرفي؛ مما سينعكس بالإيجاب علي تخفيض تكلفة الاقتراض على المستوى القومي؛ مما سيعزز من تحسين الاقتصاد الوطني. لذلك، مَن لم يستطع التطور والمواكبة لن يصمد طويلا في ذلك العالم الجديد. وإني أومن أن القطاع المصرفي لا محال ستختلف اَليات المنافسة فيه بالشكل الذي يواكب التطور الذي يطرُق على أبوابنا بقوة؛ مما سينعكس بالإيجاب على اقتصادنا القومي الذي يمثل حجر الأساس لبناء وطننا الحبيب.بقلم الدكتور: محمد رشديخبير مصرفي النشر 0 FacebookTwitterPinterestLinkedinWhatsappTelegramEmail د. محمد رشدي المنشور السابق استقرار سعر الدولار بداية تعاملات الثلاثاء في 18 بنكا المنشور التالي «الضرائب»: إلزام الممولين من الأشخاص الطبيعيين بالإقرار الإلكتروني أول يناير مقالات ذات صلة هوج بول.. واختراق العقول قبل الجيوب 9 مارس، 2023 بناء ثقافة الأمن السيبراني من الداخل.. الممارسات الحالية... 6 مارس، 2023 خطة بناء الفريق الناجح 27 فبراير، 2023 سلسلة النصائح الذهبية 14 فبراير، 2023 موقف سقف الديون الأمريكي الأسباب والتداعيات الاقتصادية المتعلقة... 8 فبراير، 2023 كيف تصبح قائدا مثاليا وناجحا؟ 28 يناير، 2023 النصائح العشر للمدرين الناجحين في قطاع التكنولوجيا 26 يناير، 2023 تحديد الأهداف وتحقيقها 23 يناير، 2023 النصائح العشرون الذهبية للشباب البادئ في مجال تكنولوجيا... 20 يناير، 2023 التحول الرقمي الشامل للخدمات البنكية وأثره على التطور... 17 يناير، 2023