تعاني تركيا في الوقت الراهن من أزمة اقتصادية ضخمة نتجت عن تفاقم العجز في ميزان الدولة التجاري ليسجل 31.247 مليار دولار خلال النصف الأول، وارتفاع مستويات الديون الخارجية بشكل ملحوظ لتتجاوز 466 مليار دولار بنهاية مارس، إلى جانب الارتفاعات المتتالية التي شهدها معدل التضخم، ليسجل أعلى مستوى له منذ 14 عاما، بنسبة تتخطى 15.39% بنهاية يونيو الماضي، مقارنة بـ 7.64% بنفس الشهر من عام 2016.
فباتت هناك حاجة ملحة لأن تقوم السلطة النقدية المتمثلة في البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة؛ حتى تتمكن من امتصاص الضغوط التضخمية، إلا أن تدخل الرئيس “أردوغان” حال دون قيام “المركزي” باتخاذ القرارات التي تتناسب مع الأزمة الاقتصادية القائمة.
ويمارس “أردوغان” ضغوطا ديكتاتوريةً على البنك المركزي؛ لعدم رفع أسعار الفائدة، مدعيا أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، وهو ما يناقض النظريات الاقتصادية القياسية، مما رسّخ انطباعا بأن السياسة النقدية غير مستقلة، وهو ما يعدّ مخالفا للمعايير العالمية، والذي أدى بدوره إلى هزّ ثقة المستثمرين، وأثار التساؤلات حول كفاءة الحكومة التركية الاقتصادية.
وقد أسفرت تداعيات الأزمة عن تراجع أداء الليرة التركية بنحو أكثر من 45% منذ بداية العام، وجاء ذلك في سياق الانخفاضات التدريجية التي شهدتها على مدار السنوات الأربع الماضية، والتي بلغت 250%، لتسجل العملة التركية 7.24 ليرة للدولار الواحد، مقابل 2 ليرة للدولار في 2014.
وما زاد الأمر سوءا إحجامُ البنوك التركية عن الإقراض مقارنة بالمعدلات السابقة، مما أبطأ عجلة الاقتصاد، ومستويات النمات السابقة، مما أبطأ عجلة الاقتصاد، ومستويات النمو.
ويبدو أن الوضع في تركيا لا يشهد أزمات داخلية فحسْب، ولكنها أيضا تعاني من صراعات خارجية، حيث اشتدت تأزّم الأوضاع بين تركيا وأمريكا، حينما قام دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بمضاعفة الرسوم الجمركية على الألومنيوم، والصّلب التركي، على خلفية توتر العلاقات السياسية بين البلدين، ولم تستطع مفاوضات الوفد التركي التوصل لحل وسط مع السلطات الأمريكية.
ولم ينتهِ أثر الأزمة التركية فقط داخل حدودها، وإنما امتد ليؤثر على اقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى، حيث أعرب البنك المركزي الأوروبي عن قلقه بشأن العدوَى المالية المحتملة لمنطقة اليورو، خاصة إسبانيا وإيطاليا، فضلا عن قيام الأرجنتين باتخاذ خطوات طارئة لتحقيق الاستقرار في عملتها.
اتحاد بنوك مصر “ له الشخصية الاعتبارية ولا يهدف للربح ، ويضم جميع البنوك وفروع البنوك الاجنبية الخاضعة لاحكام القانون رقم 194 لسنة 2020 باصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي…المزيد