قال هشام عكاشة، رئيس البنك الأهلي المصري، خلال كلمته بملتقى مخاطر التكنولوجيا الحديثة في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسبل مكافحتها، أن الظروف التي تواجه المنطقة العربية تستدعي التكاتف للاستمرار فى تحصين القطاعات المصرفية العربية لمواجهة كافة التحديات على الساحة الاقتصادية.
وأضاف أن التطورات التكنولوجية الحديثة متسارعة الوتيرة، التي تشهدها صناعة تكنولوجيا المعلومات، كان لها مردوداً واسعاً على القطاع المالي بشكل عام وعلى القطاع المصرفي بشكل خاص، مضيفا أن البنوك حققت طفرة في جودة ونوعية الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء وسرعة وسهولة وانتظام تقديمها في أي مكان من العالم مما كان له تأثيراً إيجابياً تمثل في تعدد آليات وأدوات تسويق المنتجات المصرفية، وتعزيز ثقة العملاء وزيادة شرائح المتعاملين مع البنوك وترسيخ صورة ذهنية إيجابية للبنوك لدى الجمهور تعكس أهمية الدور الذي تقوم به البنوك في خدمة الاقتصاد.
ويحرص القطاع المصرفي على توظيف التطبيقات الحديثة للتكنولوجيا المالية الحديثة، بهدف تحقيق الارتقاء بالخدمات المالية بمختلف أنواعها ليتم تقديمها بأسلوب أسرع وأقل تكلفة وأكثر شفافية وأسهل في الاستخدام للملايين حول العالم، وكذلك تيسير التعرف على العملاء إلكترونياً بما يخفف من أعباء تقديم المستندات الورقية.
وأكد “عكاشة” إن التكنولوجيا الحديثة في القطاع المالي تشكل توجهاً عالمياً بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، معتقدا بأن التكنولوجيا المالية يمكن أن تؤثر على قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، وتحديداً تحويل الأموال وصرف العملات الأجنبية وهذا سيدفع بعض البنوك إلى إدخال تغييرات على عملياتها من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، وخفض عدد الفروع، وإعادة هيكلة العاملين.
من جهة أخرى فإنه على الرغم من تعاظم تأثير تطبيقات التكنولوجيا المالية الحديثة في إحداث تغييرات هامة في بنية مؤسسات القطاع المصرفي، والارتقاء بجودة الخدمات المصرفية، فإن التوسع في استخدامها لا يخلو من مخاطر فهناك صيرفة الظل والتي تقوم بها مؤسسات غير مصرفية وتقدم أنشطة الوساطة المالية، بالإضافة إلى سرعة التطور في خدمات التكنولوجيا المالية والشركات التي تقدم الحلول المبتكرة للخدمات والأنشطة المالية المختلفة التي تحاكى ما تقدمه القطاعات المصرفية، الأمر الذى يشكل تحديا يجب التحوط منه واتخاذ كافة الإمر الذى يشكل تحديا يجب التحوط منه واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية المناسبة التي تحقق سلامة ونزاهة واستقرار القطاع المصرفي.
وأضاف “عكاشة” أن العالم قد شهد في الآونة الأخيرة تزايد عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب العابرة للحدود التي اتخذت أشكالاً جديدة وتنوعت أساليبها مستفيدة من تطبيقات التكنولوجيا المالية الحديثة خاصة في وسائل الدفع وغيرها من الخدمات المصرفية، التي يسرت السبل لأن تتحرك الأموال في أي مكان في العالم بسهولة وسرعة، ومن الطبيعي أن تكون القنوات المصرفية هي أهم الأدوات المستخدمة في تلك العمليات، الأمر الذي من شأنه هدد الاستقرار المالي مما يجعل مهمة مكافحة غسل الأموال أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
كما أضاف أن مخاطر التكنولوجيا تمتد لتشمل التعرض للجرائم الإلكترونية التي تعد من أخطر التهديدات التي تواجه معظم دول العالم، وبحسب التقارير الصادرة عن المؤسسات المتخصصة في هذا الشأن فإن هذا النوع من الجرائم يكلف الاقتصاد العالمي ما يزيد عن 400 مليار دولار سنويًا.
وتقدر خسائر منطقة الشرق الأوسط وحدها بأكثر من مليار دولار، ومن المتوقع أن تتسبب الهجمات الإلكترونية في خسارة الاقتصاد العالمي نحو 3 تريليون دولار بحلول عام 2020، إذا لم تتخذ المؤسسات المختصة التدابير اللازمة لمواجهة هجمات القرصنة الإلكترونية.
وأوضح “عكاشة” أنه لا تزال الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها وأنواعها، بما فيها الجريمة العابرة للحدود، تشكل هاجسا مقلقا للسلطات المعنية في كل دول العالم، وتعتبر جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب أخطر أنواع الجريمة المنظمة نظرا إلى كونها تمس أمن المواطن والدولة على حد سواء وتشكل آفة اجتماعية تعرض سلامة المجتمع للخطر.
وأكد أن الكيانات التي تعمل في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل مستمر تسعى إلى استخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تقنيات متطورة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية، من هنا كان لابد للسلطات الرقابية وبالتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية، من القيام بعملية تعديل جذرية لتقنيات الرصد المتبعة حتى تتمكن من اقتفاء آثار هذه العمليات والعمل على مكافحتها.
ولم تكتفي البنوك والمؤسسات المالية بذلك بل لجأت إلى ابتكار الإجراءات التحوطية الرامية إلى الحد من المخاطر الناجمة عن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقد قدّر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حجم غسل الأموال على مستوى العالم في سنة واحدة بنسبة تتراوح ما بين 2 %– 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يقدر بمبلغ 2 تريليون دولار حاليا، كما بلغت التكلفة التي تحملها الاقتصاد العالمي من جراء الأنشطة الإرهابية في العام الماضي فقط 84 مليار دولار، رغم انخفاض تأثير الإرهاب على الاقتصاد العالمي بنسبة 7%، عما كان عليه في عام 2016، بحسب التقرير السنوي الذي أصدرته مجموعة مؤسسات عالمية، من بينها وزارة الأمن الأمريكية، وجامعة مريلاندالأمريكية.