لم يكن ما تعرض له يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، خلال الساعات الماضية مجرد انتشار لمقطع فيديو عابر؛ بل كان نموذجًا حيًا للطريقة التي يمكن أن تتحوّل بها لحظة بسيطة وعفوية إلى قضية جدلية بمجرد خروجها من سياقها الطبيعي.
بدأت القصة بلقطة قصيرة ظهر فيها نائب رئيس البنك الأهلي المصري خلال مداعبة خفيفة جاءت في إطار تهنئة ودّية بين شخصين، دون أي نية للتجريح أو التقليل من شأن أي طرف، لم تكن الكلمات أكثر من مزحة من النوع الذي يتبادله المصريون يوميًا حول الانتماءات الكروية، ولم تعبّر عن رأي شخصي ولا موقف مؤسسي بأي شكل.
لكن بمجرد نشر المقطع على منصات التواصل الاجتماعي، بعيدًا عن لحظته الأصلية، بدأ منحنى القصة يتغيّر، حيث انتشر الفيديو بسرعة، وتحوّلت المداعبة البسيطة إلى “قضية كبيرة”.
فسّره البعض تأويلًا زائدًا، واستغله آخرون لخلق حالة من الهجوم أو الجدل، رغم أن الكلام لم يحمل أي معنى هجومي، ومع تضخّم النقاش وتزايد التعليقات، وجد أبو الفتوح نفسه في مواجهة عاصفة على منصات التواصل الاجتماعي غير مبررة، دفعت الكثيرين إلى التعامل مع المقطع باعتباره “موقفًا رسميًا”، بينما كان في الحقيقة حديثًا شخصيًا عابرًا لا أكثر.
ومع تصاعد الجدل، قرر يحيى أبو الفتوح احتواء الموقف بقدر كبير من المسؤولية، حيث أوضح أن المقطع تم اقتطاعه من سياقه الطبيعي وأن تفسيره تم بشكل مغاير تمامًا لطبيعته، وقدّم اعتذارًا مهذبًا لأي شخص قد يكون شعر بسوء فهم.
هذا؛ كما أكد احترامه الكامل للنادي الأهلي وجماهيره، ولجميع الأندية المصرية دون استثناء، مشدداً على أن المصريين معروفون بروح الدعابة في الحديث عن الكرة، وأنه واحد من أبناء هذا الشعب.
وأعلن اتخاذ إجراءات قانونية ضد من قام بتصوير ونشر الفيديو دون إذن، مشيراً إلى أن استخدام المقطع في غير موضعه لا يعبّر عنه شخصيًا ولا عن البنك الأهلي المصري.
ورغم أن ما حدث لم يكن أزمة حقيقية بقدر ما كان سوء فهم مُضخّمًا بلا داعٍ، فإن القصة تفتح بابًا لتحليل أعمق حول كيف يمكن لمزحة بسيطة أن تتحوّل إلى عبء على صاحبها؟
والإجابة تكمن في أن المحتوى حين يُنتزع من سياقه يصبح قابلًا لإعادة تشكيله حسب نوايا من يعيد نشره… وليس نية من قاله، حيث كان أبو الفتوح ضحية اجتزاء، وسرعة تداول، ورغبة لدى البعض في التصيّد.
لكن رد فعله جاء على مستوى المسؤولية التي عُرف بها: هادئًا، محترمًا، واضحًا، يحترم الجماهير ويحافظ على قيم وظيفته، ويحتوي الموقف بأرقى أسلوب.
وهكذا .. لم تكن القصة أزمة كما صوّرها البعض، بل مجرد لحظة أسيء فهمها، تعامل معها صاحبها بما يليق بشخصيته ومسيرته المهنية واحترامه للجميع.