15
استبيان BNP Paribas يكشف: 70% من التدفقات تتجه لأوروبا وآسيا لأول مرة منذ 2023
من باريس إلى بكين، ومن اجتماعات الصناديق إلى قرارات البيت الأبيض، تكتب الأسواق فصلًا جديدًا في تاريخ المال العالمي.
حين أصدرت BNP Paribas استبيانها الأخير، الذي لم يكن مجرد أرقام عن تحركات صناديق التحوط، بل كان مرآة لتحولات أعمق. للمرة الأولى منذ 2023، المستثمرون يتجهون بقوة إلى أوروبا وآسيا، وكأنهم يقرأون خريطة جيوسياسية واقتصادية جديدة تتشكل أمام أعينهم.
الاستبيان أظهر بوضوح أن 37% من التدفقات الجديدة لصناديق التحوط في النصف الأول من 2025 اتجهت إلى أوروبا، فيما جذبت آسيا والمحيط الهادئ 33%. في المقابل، تراجعت حصة الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ سنوات، وهو ما يترجم في نظر الأسواق إلى تآكل الثقة في مركزية الدولار.
في بكين، تعقد الاجتماعات المكثفة حول التسويات بالعملات المحلية، والبحث عن بدائل تقلل من هيمنة الدولار. مشروع الصين مع منصة CIPS وطرح اليوان كأداة تسويات إقليمية ودولية لم يعد مجرد طموح، بل صار جزءًا من واقع يشجع صناديق التحوط على إعادة توزيع أصولها بعيدًا عن نيويورك ولندن.
في المقابل، يزداد الارتباك في واشنطن، حيث يجد الفيدرالي الأميركي نفسه تحت ضغوط سياسية متصاعدة؛ الرئيس يلوّح بإقالة محافظته ويحوّل البنك المركزي إلى أداة في الصراع السياسي، والأسواق ترى هذه التدخلات كخطر على استقلالية السياسة النقدية، ما يعزز مناخ القلق ويغذي بحث المستثمرين عن بدائل أكثر استقرارًا.
ويأتي فوق ذلك ترامب بقراراته المتقلبة: ضرائب مفاجئة، صراعات تجارية مع حلفاء تقليديين مثل كندا والمكسيك، ورسائل متناقضة حول الاقتصاد العالمي. هذه الفوضى تُترجم في عيون المستثمرين إلى “مخاطر نظامية”، تجعل من آسيا وأوروبا، برغم التحديات، أماكن أكثر أمانًا لتوجيهات التدفقات الرسالة الضمنية
تحول بوصلة الاستثمار كما رصدته BNP Paribas ليس فقط بحثًا عن عوائد أعلى، بل هو تصويت عالمي على تراجع الثقة في مركزية الدولار والاقتصاد الأميركي. أوروبا رغم بطئها، وآسيا بقيادة الصين والهند، تُقدمان مسارًا جديدًا: تنويع المخاطر، الاعتماد على الذات، والبحث عن بدائل نقدية واستثمارية