في خطوة تعكس تحوّلات عميقة في التفكير النقدي، ألمح البنك المركزي الماليزي (Bank Negara Malaysia) إلى إمكانية اعتبار عملة XRP الرقمية، إلى جانب بيتكوين، كأداة بديلة عن الودائع البنكية التقليدية. جاء ذلك في وثيقة صدرت مؤخرًا بعنوان «المال العصري والعملات الرقمية»، حيث صنّفت النقود إلى “مال عام” يخضع للبنوك المركزية مثل الاحتياطات والعملات الوطنية، و“مال خاص” يشمل ودائع البنوك التجارية والأصول الرقمية.
هذه الإشارة تضع ماليزيا في صدارة النقاش العالمي حول مستقبل النقود. ففي حين تتمسك المؤسسات النقدية الكبرى – مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي – بموقف حذر تجاه العملات المشفرة، اتجهت دول أخرى إلى التجريب عبر إطلاق عملات رقمية سيادية (CBDCs)، أبرزها الصين باليوان الرقمي وأوروبا بمشروع اليورو الرقمي.
ماليزيا بدورها لم تكتف بالجانب النظري، بل أطلقت مشروعًا تجريبيًا باسم “ماوار” لاختبار عملة رقمية وطنية، في محاولة لتحقيق التوازن بين الابتكار الرقمي والحفاظ على السيطرة النقدية.
ويرى خبراء أن اختيار XRP تحديدًا لم يكن اعتباطيًا، إذ تتميز بسرعة التحويل ورسوم منخفضة مقارنة بعملات مثل بيتكوين وإيثيريوم، إضافة إلى توسع استخدامها في التحويلات العابرة للحدود. ومع ذلك، يظل غياب إطار تنظيمي عالمي، والتقلبات السعرية الحادة، من أبرز العقبات أمام اعتمادها كبديل مصرفي مستقر.
خطوة كوالالمبور لا يمكن فصلها عن المشهد الدولي الأوسع، حيث تتسارع المبادرات لتقليل الاعتماد على الدولار، وتعزيز التعددية النقدية، مع صعود دور العملات الرقمية والذهب كبدائل استراتيجية.
وبينما لم تحسم ماليزيا موقفها النهائي بعد، فإن مجرد إدراج XRP في وثيقة رسمية للبنك المركزي يُمثل تحولًا نوعيًا: من التعامل مع العملات الرقمية كأصول مضاربة، إلى النظر إليها كجزء محتمل من النظام النقدي العالمي