. يعتمد جوهر الاستهلاك الفردى بشكل أساسى على كل من الدخل النقدى والأسعار السائدة فى السوق، وفى الفترة الماضية شهدت الأسعار قفزة كبيرة، حيث ارتفعت معدلات التضخم بشكل ملحوظ، لتسجل ما يقرب من 35% فى يوليو 2017، بينما لم تشهد الأجور النقدية ارتفاعا موازيا، حيث تشير الدراسات الصادرة عن عدد من الجهات إلى ارتفاع أجر العامل فى الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام بحوالى 5% في المتوسط، بينما ارتفعت الأجور بحوالى 10 – 15% فى المتوسط بالقطاع الخاص، الأمر الذى أدى إلى تراجع القوة الشرائية للأفراد.
وفى سبيل مواجهة معدلات التضخم المرتفعة، قام البنك المركزى المصرى، بإتباع سياسات نقدية انكماشية، تهدف إلى امتصاص السيولة من السوق، لتخفيض حجم الطلب الكلى للقضاء على المستويات المرتفعة من الأسعار والوصول بمعدلات التضخم المستهدفة إلى 13% (+3%) بنهاية العام الجارى.
حيث قام “المركزى”، فى يوليو الماضى، برفع أسعار الفائدة الأساسية على كلا من الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75% و 19.75% على التوالى، بعدما رفعها مرة أخرى خلال نفس العام وبالتحديد فى مايو الماضى بواقع 200 نقطة أساس لتصل إلى 16.75% و 17.75% على التوالى.
كما قرر “المركزى” زيادة نسبة الاحتياطى النقدى التى تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لديه لتصبح 14% بدلا من 10%، وذلك لتحجيم قدرة البنك على منح الائتمان.
ونتج عن تلك القرارات إرساء عادات استهلاكية جديدة للأفراد، تختلف من حيث الكم والنوعية، فمن حيث الكم، انخفض حجم الطلب الكلى للأفراد بنحو 12% علي السلع والخدمات، نتيجة لتراجع القوة الشرائية واتجاه الأفراد إلى ضغط استهلاكهم من مختلف المنتجات، بينما سجلت نسبة الانخفاض في الطلب على السلع الكمالية نحو 30 – 40%، وذلك نتيجة توجيه الأفراد النسبة العظمى من دخولهم للحصول علي السلع الأساسية التي قفزت أسعارها بشكل كبير خلال الفترة الماضية، بينما تراجع ترتيب السلع الكمالية في قائمة تفضيلات المستهلك خلال هذه الفترة وبالأخص (الملابس الرياضية – العطور – خدمات السفر والرحلات).
واقتصاديا مع ضغط الأفراد لنفقاتهم فيما يتعلق بالسلع الكمالية وسلع الرفاهية فإن هذا يعطي مؤشراً علي تراجع مستوي رفاهية المعيشة باعتبار أن الكثير من البنود السلعية المتعلقة بالرفاهية تصنف ضمن السلع الكمالية.